توقع منذ فترة ليست بعيدة انهيار المنتخبات المصرية، ولم يكشف وقتها عن الأسباب، استبشر المتابعون للكرة المصرية خيراً باختياره فى منصب المدير الفنى لـ"الجبلاية" لكنه سريعاً ما قدم استقالته مفضلاً الرحيل عن الاستمرار فى مكان تسيطر عليه العشوائية، الخبير الأكاديمى الدكتور عمرو أبوالمجد عمل متطوعاً داخل "الجبلاية"، وحاول تصحيح مسار الكرة المصرية والعودة بها إلى "زمن التخطيط" من خلال خطة لتكوين منتخبات مصرية من الناشئين وحتى الفريق الأول، اجتهد لمدة شهور، وعند التنفيذ اصطدم بمجلس جمال علام، هو يريد العلم والموضوعية، وهم يريدون المحسوبية، فرحل وهو يحتفظ بأسرار الطريقة التى تدار بها الكرة المصرية، وبعد نكسة المنتخب الأول وسقوطه فى تونس التقاه"الوطن سبورت" ليكشف عنها بكل موضوعية.
* توقعت مبكراً سقوط المنتخبات المصرية الحالية فعلى أى أساس كان التوقع؟
- أى مشروع قائم على "التأليف" والعشوائية دون علم أو تخطيط لا بد أن يكون مصيره الفشل، وهو ما حدث لكل المنتخبات المصرية فى الفترة الحالية.
* وأين تكمن العشوائية التى تتحدث عنها؛ فى عمل الأجهزة الفنية، أم داخل مجلس "الجبلاية"؟
- المنظومة كلها تسير بعشوائية، الاتحاد يرفض الاعتراف بالعلم فى عمله، وحتى نقف على الطريقة التى تدار بها الكرة المصرية وكيفية اختيار مدربى المنتخبات خلينى أراجع معك بعض التفاصيل.
* أتفضل.
- فى بداية عملى كمدير فنى لاتحاد الكرة اتفقنا على العمل بأسلوب علمى من خلال منظومة واضحة تحمل العديد من المعايير، ويكون الهدف منها إعداد عدة منتخبات متسلسلة خلال 5 سنوات؛ من 10 سنوات وحتى الوصول إلى المنتخب الأول.
* وما المعايير؟
- المؤهل الدراسى للمدرب، دوراته التدريبية، ممارسته للعبة، الفرق التى دربها، النتائج التى حققها، درجة ابتكاره على المستوى الفنى، ولكل واحدة من تلك المعايير درجة معينة من يحصل على النصيب الأكبر منها يكون هو المرشح الأول لتولى قيادة هذا المنتخب أو ذاك.
* وهل من يقودون المنتخبات المصرية حالياً جاءوا وفق هذه المعايير؟
- ولا واحد فيهم.
* ليه؟
- فتش عن المجاملات.
* الأسرار كلها عندك وجاء وقت كشفها.
- كما قلت لك كانت هناك معايير، وبالمناسبة حصلت على خطاب رسمى من الجبلاية بالموافقة عليها، وكان ذلك بتاريخ 10 ديسمبر 2013 فى الاجتماع رقم 12 لمجلس جمال علام.
* وماذا يقول الخطاب؟
- مفاده: نحيط سيادتكم بالموافقة على المنظومة الفنية وخطة تطوير العمل الفنى داخل الاتحاد بما تضمنه من مشروع للبراعم وتطوير المسابقات وتفعيل دور المناطق ومعهد الكرة وإنشاء مركز معلومات خاص بكرة القدم داخل الاتحاد، وتحليل مباريات الدورى لاستخلاص الإيجابيات والوقوف على السلبيات، وغيرها من الأمور الفني.
* ماذا حدث بعد ذلك؟
- قلت لهم نبدأ بالتنفيذ على منتخبات المراحل السنية 95 و97 و98 كمرحلة أولى، فوافقوا وبدأنا بالفعل كلجنة فنية فى التنفيذ، وفتحنا باب التقدم لمن يريد تولى منصب فى المنتخبات المصرية، وبعد 3 شهور من العمل المتواصل تلقينا العديد من الطلبات الموثقة بالشهادات من مجموعة كبيرة من المدربين المصريين، منهم نسبة معقولة جداً مؤهلة وفق المعايير لتولى المناصب المختلفة بالمنتخبات.
* وكم مدرباً منهم تم اختياره ويعمل الآن فى "الجبلاية"؟
- مدرب واحد فقط.
* من هو؟
- بلاش أسماء لعدم الإحراج.
* لماذا تم رفض باقى الأسماء؟
- تم رفضهم لأنهم لا يملكون معايير اتحاد الكرة الحالى.
* وما معاييرهم؟
- مجاملات ومحسوبية بعيداً عن العلم والموضوعية اللازمة فى اختيار حجر الزاوية فى منظومة كرة القدم، وهو المدرب من وجهة نظرى.
* لهذا استقلت؟
- كان هناك موعد بينى وبين جمال علام، واعتذر لارتباطه بأمر ما فى الأقصر، وأرسل لى اللواء ثروت سويلم، المدير التنفيذى للاتحاد، وجلست معه وسلمته قوائم من تنطبق عليهم المعايير من المدربين المتقدمين، وقلت له أنا سامع أن هناك مجموعة أخرى تم اختيارها من قبَل أعضاء المجلس للعمل داخل المنتخبات، ولو تم ذلك اعتبر استقالتى هذه نهائية، وسلمته نص الاستقالة.
* وبماذا رد عليك؟
- قال لى بالنص: "ماتخفش يا دكتور سننفذ كل ما فى هذه المذكرة"، وأشاد بها.
* ماذا حدث بعدها؟
- عدلوا الأسماء وقلبوها من تحت لفوق حتى يصلوا إلى الأسماء التى يريدونها بالمجاملات، بزعم أنهم مش عايزين مدرب اشتغل قبل كده فى المنتخبات، فصممت على الاستقالة وقلت لهم: "ما بنى على باطل فهو باطل".
* ما الباطل فى اختيار بعض الأسماء؟
- أحد المدربين الذين تم اختيارهم بمعرفة اتحاد الكرة "مخالف ومزور".
* كيف؟
- قدَّم فى ملفه التدريبى معلومات غير صحيحة لكى تتوافق معه الشروط التى وضعناها، وكتب فى ملفه الذى تقدم به لنا أنه تولى تدريب فريق سنتين لكى يحقق الشرط، وعندما واجهناه بذلك وقلنا له: "ليه كده أنت رجل تربوى؟"، احتمى فى مجلس "علام"، وحتى يظهروا أنهم "ناس موضوعيين" تولى هذا المدرب تدريب فريق بشكل صورى وببلاش قبل يومين من اختياره قائداً فنياً لمنتخب فى مرحلة سنية خطيرة.
* هل تم تعيين غيره ممن لا تنطبق عليهم الشروط؟
- نعم.
* مَن تحديداً؟
- أكرم عبدالمجيد حصل على "صفر" فى تقييمه كلاعب لأنه استهتر بالمعايير ولم يوثق هذه الجزئية، فتم استبعاده من قبَل اللجنة الفنية، إلا أن حسابات أعضاء الجبلاية والترضيات كان لها رأى آخر وجاءوا به، ولا أعرف كيف نأتمن مدرباً على فريق وهو لم يلتزم من البداية بمتطلبات تعيينه؟!
* من المدربون الذين اخترتهم ورفضوهم؟
- إسماعيل يوسف، ونبيل إبراهيم، وطارق يحيى.
* السبب إيه؟
- مفيش سبب موضوعى، وضعوا مثلاً المقابل المادى أمام طارق يحيى لتطفيشه، فقد كان أفضل المدربين، وفق الشهادات التى قدمها فى ملفه لتولى مهمة منتخب الشباب، وعرضوا عليه 20 ألف جنيه راتباً شهرياً ودون مفاوضات أو محاولة تعديل الرقم ليتوافق نسبياً مع ما يحصل عليه من الأندية وتم رفضه وعدم الموافقة عليه.
* من يحرك كل هذا؟
- تحركه المجاملات والمحسوبية وضغوط خارجية.
* يعنى إيه ضغوط خارجية؟
- أشخاص بعينهم يتدخلون ويفرضون على المجلس قرارات معينة، وفى كل الأحوال العشوائية مشتركة سواء كانت من الاتحاد مباشرة أو سماحه لأى طرف بالتدخل فى عمله، ولا تنتظر من كل هذا سوى الخراب والدمار الذى يطول الكرة المصرية لسنوات عديدة.
* لهذا ترى أن ما حدث مع المنتخب الأول ليس مفاجأة؟
- ما حدث نتيجة طبيعة لسوء المنظومة، المنتخب الأول دفع فاتورة المجاملات، وعدم الشفافية فى انتقاء الأجهزة الفني.
* هل من حل سريع لإنقاذ ما يكمن إنقاذه؟
- إعادة النظر سريعاً فى المنظومة كلها، وأقصد هنا اتحاد الكرة حتى نصل إلى "العلم" والموضوعية عند اختيار التشكيلات المناسبة لهذا الفريق أو ذاك، لن أكون مبالغاً إذا قلت إن 95 فى المائة من المدربين العاملين بالأندية جاءوا بالمجاملة التى أفسدت المنظومة، ولن تكون هناك نجاحات ما دام الوضع يسير بهذه الطريقة، فكيف نضمن من مدرب جاء بالواسطة انتقاء لاعب بمعايير كروية دون مجاملة؟ الأمر صعب للغاية.
* هل هذا كل ما تحتاجه كرة القدم المصرية؟
- ليس هذا فقط، بل تحتاج إلى مشروع قومى أشبه بقناة السويس يلتف حوله الجميع حتى يكون النجاح مردود خطة موضوعة وليس وليد الصدفة أو بالقطعة وإحنا وحظنا.
* فى نادى المقاولون العرب حققت نجاحات ملحوظة، فما الفارق بين ما وجدته فى النادى وداخل "الجبلاية"؟
- فى المقاولون كما قلت كانت النجاحات، فخرج من النادى مَن احترف بالخارج، ومن يلعب أساسياً بالفريق الأول الآن، وللأمانة كان وراء هذا المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الحالى، ومعه المهندس محمد عادل وفيصل مرتضى وسعد البنا، ولا أنسى أن المهندس إبراهيم محلب قال لى يوماً وهو يرأس المقاولون: "احلم يا دكتور بلبن العصفور لصنع طفرة كروية فى المقاولون وسأوفره لك"، وبالفعل حلمنا معاً لدرجة أنه كان يحضر اجتماعات قطاع الناشئين، فتحققت نجاحات صنع لاعبين داخل النادى.
* أخيراً هل تقبل العودة لـ"الجبلاية"؟
- أعمل بأسلوب علمى، وهذا الأمر غير متوافر فى اتحاد الكرة الحالى، والظروف الموجودة به تسبب الفشل لذلك أرفض العودة.
No comments:
Post a Comment