«محمد».. عمره تجاوز الـ14 عاماً بأيام قليلة.. ودع عالم الطفولة وصار صبياً يعرف معنى الأشياء.. هذه خيانة وهذا خطأ وتلك جريمة قتل وهذه دماء.. الأسبوع الماضى شاهد الخيانة وعرف معنى الخطأ وارتكب جريمة وتلوثت يداه بالدماء.
«أمى جعلتنى مجرماً» بهذه الجملة روى الصبى قصة جريمة القتل التى ارتكبها منذ أيام فى المنزل المجاور له.. وأضاف «نخوة الرجولة» قادتنى لغسل العار.. قتلت جارى الخفير عندما شاهدته وأمى فى وضع غير أخلاقى.. كأنهما زوجان.. لم أستطع قتل أمى.. ضعفت أمامها.. أحبها ولكن «انكسر» هذا الحب.. فضلت ألا أقتلها حتى لا أندم.. ظنى أنها تستحق ولكن قلبى لم يطاوعنى وقال عقلى: لا.. لا تفعل.. ربما خفت.. ربما ترددت.. ربما «حنيت».. لأنها أمى.
البداية.. بلاغ تلقاه اللواء خالد يحيى مدير مباحث العاصمة بالعثور على جثة خفير يدعى «م. أ» ملقاة داخل غرفته بالعقار الذى يحرسه فى منطقة الساحل، تم تشكيل فريق من ضباط المباحث الجنائية بقيادة العميد أشرف عزالعرب رئيس قطاع مباحث شمال القاهرة، وبمناقشة مكتشف الجريمة قال: «أثناء نزولى من شقتى صباح يوم الجريمة ناديت على المجنى عليه لإبلاغه بشىء يخص العقار، فلم يرد وفوجئت بإغلاق باب حجرته بالمفتاح، فظللت أحاول فتح باب الغرفة، وحضر أحد جيرانى وأكد أنه شاهد الخفير منذ ساعات، وقررنا تحطيم الحجرة وفوجئنا بالجثة مسجاة على وجهها وأبلغنا الشرطة».
معاينة ضباط المباحث أثبتت أن الجانى غافل القتيل وقام بضربه على رأسه بقطعة خشبية تركها بجوار الجثة ثم سدد طعنات متفرقة بالظهر والرقبة بصورة عشوائية، وأكدت التحريات أن الجريمة بقصد الانتقام بسبب عدم وجود سرقة من غرفة القتيل.
ضباط قسم الساحل فحصوا ما يقرب من 25 شخصاً من أقارب القتيل والمترددين عليه، وتبين أنه يرتبط بعلاقة غير شرعية مع سيدتين فى المنطقة، تم تحديدهما وبمناقشتهما أكدتا أنهما لا يعلمان شيئاً عن القتيل وتربطهما فقط علاقة جيرة.
التحريات أكدت أن إحدى السيدتين لديها صبى يعمل عامل نظافة غائب عن المنزل منذ 48 ساعة، ورجحت أن الصبى مشتبه فيه بارتكابه الجريمة، خاصة بعد وجود مشاجرة بينهما، وتم ضبطه وبمناقشته وبهدوء شديد اعترف بالجريمة.
الأم تنتظر خارج القسم وتحضر محامياً لـ«صغيرها».. والمتهم يعترف بـ«الصوت والصورة»
حضر المتهم من داخل محبسه الاحتياطى قبل ترحيله بساعات إلى دار الرعاية بقرار من قبل النيابة العامة، يرتدى ملابس قديمة، طلب منه الضابط أن يجلس أمامه ويروى تفاصيل الجريمة، وظلت والدته تنتظره خارج القسم للاطمئنان عليه، ودار حوار بين الصبى ورجل الشرطة.
الضابط: ممكن تقولى قتلت الخفير ليه؟
المتهم: أنا ماقتلتش حد.
الضابط: طيب انت متخانق ليه مع أمك؟
المتهم: يافندم خناقة بسبب خلافات أسرية.
الضابط: قتلت الخفير علشان تسرقه؟
المتهم: لا أنا مش حرامى.. وباشتغل عامل نظافة وبعرف أجيب رزقى الحلال.
الضابط: قتلته علشان علاقة القتيل بوالدتك؟
المتهم: صمت ولم يتحدث إلى الضابط.. ثم قال قتلته يافندم ومن غير سبب.. وبدأ فى البكاء.
الضابط: اهدى واحكى لى تفاصيل الجريمة.
المتهم: أنا هقولك على كل حاجة.. إحنا أسرة فقيرة وبنشتغل أى شغل علشان نجيب رزقنا.. عايش أنا ووالدتى وإخواتى فى غرفة بالإيجار بمنزل مجاور للعقار الذى يحرسه القتيل منذ عدة سنوات.. كانت تربطنا علاقة جيرة وكنت أناديه بعمى فلان.. لم أتجاوز معه فى الحديث ولم أسبه.. كنت أخرج إلى العمل كل صباح حتى المساء كعامل نظافة.
المتهم يضيف: «صباح يوم الجريمة استودعت والدتى بعد تناول الإفطار وتوجهت إلى عملى، ولكنى هذا اليوم عدت إلى البيت مسرعاً، فلم أجد والدتى وأخبرنى أحد الجيران أنها كانت تتحدث إلى جارى القتيل، فذهبت إلى غرفته وشاهدت والدتى فى أحضان الخفير، أصبت بحالة من الفزع وتشاجرنا أنا وهو، وتمكنت والدتى من الهرب وتعدى هو بالضرب علىّ، وتدخل الجيران لفض المشاجرة بدون أن يعرفوا السبب، عدت إلى منزلى وتشاجرت مع والدتى ولقنتها علقة ساخنة، حاولت قتلها وتراجعت، وتدخل الجيران ومنعونى ولم أستطع قتلها لأنها أمى، مضى يوم والثانى، وكنت أشاهد والدتى فى أحضان القتيل ولم أستطع التحكم فى غضبى، فقررت قتله وخططت للجريمة.
تسللت مساء يوم الجريمة قبل أذان الفجر، وتمكنت من الدخول وبيدى سكين مطبخ، فشاهدته نائماً، أمسكت بقطعة خشبية كانت فى غرفته وهشمت رأسه حاول النهوض فعاجلته بتسديد الطعنات المستمرة ولم أتركه إلا جثة هامدة، عدت إلى المنزل وقمت بتغيير ملابسى وتركت المنزل».
أحضرت الشرطة الأم وواجهتها باعترافات نجلها أنه وراء الجريمة، وقال لها أمام الضابط: «هى اللى خلتنى مجرم وقتلت الراجل» لم تتمالك الأم نفسها من البكاء وطلب منها الضباط مغادرة القسم، ولكنها ظلت واقفة خارج أسوار القسم تريد الاطمئنان على نجلها، وأحضرت له محامياً للدفاع عنه.
النيابة العامة أجرت معاينة تصويرية للجريمة، وتمت الاستعانة بأمين شرطة لتمثيل دور القتيل، وشرح المتهم كيفية ارتكاب الجريمة من بدايتها، وأكد أنه قتل الضحية دفاعاً عن الشرف ليس إلا، وقررت النيابة حجزه 4 أيام على ذمة التحقيقات، كما وجهت له تهمة القتل العمد، وطلبت النيابة إيداع المتهم داخل دار رعاية لعدم بلوغه السن القانونية، وقررت تشريح الجثة لبيان سبب الوفاة، وطلبت إرسال أدوات الجريمة إلى المعمل الجنائى ومطابقتها ببصمات القاتل، واستعجلت تقرير الطب الشرعى.