يبدو أن حضارة 7 آلاف سنة باتت مهددة باختلاط المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي، وليس هناك دليل على ذلك أكثر من الأحاديث المتتالية عن مخاوف من انهيار تمثال أبو الهول، الذي يعود تاريخ تشييده إلى أكثر من 4500 عامًا، ويبلغ طوله 73 مترًا وارتفاعه 20 مترًا، أسباب مختلفة ويبقى التخوف واحد في انتظار حل هذه المشكلة.
المياه الجوفية والصرف الصحي يهددان التمثال
مونيكا حنا عالمة الآثار المصرية قالت إن تعرض تمثال أبو الهول لمخاطر بسبب المياه الجوفية أمر لا يمكن تحديده إلا بعد اختبارات يجريها خبراء ترميم الآثار، ومتخصصون في مجال المياه الجوفية من كليات الهندسة.
وأوضحت "حنا"، في تصريح لـ"الشروق" أن تلك الاختبارات تتمثل في إقامة مجسات من خلال عمليات حفر تتم أسفل التمثال الأثري لمعرفة منسوب المياه الجوفية إذا كان منخفضًا أو مرتفعًا من الممكن أن يمثل تهديد على قطعة أثرية يعود تاريخ نحتها إلى أكثر من 4500 عام.
ورأت أن الأزمة لا تتمثل في المياه الجوفية المحيطة بـ"أبو الهول" كما يتصور البعض بل على العكس المياه الجوفية المجردة لا تضر جسده، لكن الخوف الحقيقي فيما نسمع عنه من اختلاط مياه الصرف الصحي في منطقة نزلة السمان، الأمر الذي ينتج عنه تلوث المياه الجوفية، فضلا عن إلقاء الأهالي لمخلفاتهم في مياه الصرف، وبالتالي يمثل الأمر تهديدًا حقيقيًا على جسد أبو الهول على المدى البعيد.
وشددت أن إهمال المسئولين وتقاعسهم عن عدم تنفيذ كافة المشروعات اللازمة لحماية المناطق الأثرية من منسوب المياه الجوفية المختلطة بمياه الصرف يتسبب في تشويه الآثار وإلحاق المخاطر بها.
محافظ الجيزة.. الانهيار أمر غير وارد
الدكتور علي عبد الرحمن محافظ الجيزة بدوره أكد أن حماية الآثار بمثابة "أكل عيش للمحافظة"، مشيرًا إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك خلاف بين محافظة الجيزة وبين وزارة الآثار، مشيرًا إلى أن المحافظة في أمس الحاجة لتطبيق مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية لحماية المناطق الآثرية هناك.
وأوضح عبد الرحمن أن محافظة الجيزة تلقت تمويل من وزارة السياحة التي خصصت مبلغ قدره 6 ملايين جنيه للمشروع من أجل عمل صرف هندسي سليم لسحب المياه الجوفية وتقليل منسوبها، وبالتالي حماية المناطق الآثرية.
وأكد أن ما يثار حول احتمالية انهيار تمثال أبو الهول هو أمر عار تمامًا من الصحة لكن ارتفاع منسوب المياه الجوفية المحيطة به من الممكن أن يؤثر بالسلب على جسد التمثال الأثري على المدى البعيد.
وأضاف أن منطقة أهرامات الجيزة وأبو الهول ليست المنطقة الوحيدة المعرضة للضرر من ارتفاع منسوب المياه الجوفية على مستوى محافظة الجيزة، وإنما هناك مزيد من القرى تحوي مناطق أثرية معرضة للخطر أيضًا مثل العزيزية وأبو صير وصفت وأطفيح وكثير من القرى.
وأرجأ محافظ الجيزة السبب الحقيقي في ارتفاع منسوب المياه الجوفية في تلك المناطق، يعود للرشح القادم من استصلاح الأراضي الزارعية، وكذلك الصرف الصحي في خزانات التحميل في المنازل بدون شبكة للصرف، فضلا عن المساكن الكثيرة التي تم إقامتها بالقرب من المناطق الأثرية دون وجود بينة تحتية سليمة، وشبكة صرف متميزة.
عميد آثار الأقصر: جسد أبو الهول مهدد بالانهيار
أما الدكتور محمد عبد الهادي عميد كلية الترميم بمدينة الأقصر فرأى أن الأسباب التي من الممكن أن تؤدي إلى تعرض أبو الهول إلى خطر الانهيار تتمثل أساسًا في امتداد المناطق السكنية العشوائية حتى وصلت إلى بعد بضعة أمتار منه.
وأشار إلى أنه لم يكن هناك من المباني السكنية القريبة منه عند بداية هذا القرن سوى فندق مينا هاوس، كما أن هذه المنطقة لم تكن مزروعة وكان ارتفاع المياه الجوفية يقف عند مستوى مياه نهر النيل.
وقال إن السكان يتخلصون من المياه في آبار حفروها في باطن الأرض مباشرة، ما أدى إلى تسربها إلى جسم الصخرة نفسها، ومنها إلى جسم أبو الهول فصارت الأملاح تذوب في المياه ثم تتبلور ثانية، ما يؤدي إلى عملية مستمرة من التآكل لا يمكن إيقافها بسهولة، وبالنتيجة حصل تفتت لصخرة التمثال بالنظر لعمليات التمدد والانكماش المستمرة، وهكذا أصبح أبو الهول مهددًا بالانهيار من الداخل.
حواس.. العدول عن فكرة الستائر الخرسانية
الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق أوضح أنه لا يوجد خطورة على تمثال أبو الهول، مشيرًا إلى أنه كان متابعًا لحالة التمثال الأثري منذ عام 1988، موضحًا أن الفراعنة كانوا على علم بووجود مياه الجوفيه أسفله لكنها ليست ملوثة.
وذكر "حواس" في تصريحات سابقة أن المهندس المصري القديم عندما أقام تمثال أبو الهول في تلك المنطقة المرتفعة كان على علم بأن الطبقة أولى والثانية السفلية هشة وقام بعمل نسب تشريحية لجسم الأسد من الأحجار لحماية تمثال أبو الهول من التآكل بسبب المياه الجوفية.
وأشار وزير الآثار الأسبق إلى أن الطبقة العليا المكونة للرقبة والرأس لا خوف عليها وهو ما أكد عليه خبراء اليونسكو عام 1988 وبالتالي فإن المياه تقع أسفل الصخرة، ولا تؤثر على التمثال الأمر الذي أدى إلى عدول المهندسين عن فكرة عمل ستائر خرسانية حول المنطقة الآثرية والتي عثر فيها على مياه جوفية على عمق 20 مترًا من التمثال.
No comments:
Post a Comment